اختار الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف – المدعوم من موسكو – الإعلان عن مقتل الجهادي الروسي دوكو عمروف بطريقة استعراضية، إذ نشر صورته الشخصية على موقع “انستغرام” معلناً من خلالها عن مقتل “أمير القوقاز” التابع للحركة الإسلامية لتحرير الشيشان، مشيراً إلى أن لديه تسجيلاتٍ صوتية لمقاتلي الحركة تؤكد مقتل عمروف وتناقش المرشحين لخلافته.
وبالرغم من إعلان الرئيس الشيشاني عن الخبر وتأكيده من قبل العديد من المواقع الجهادية على شبكة الانترنت، فإن مجلة “فورين بوليسي” الأميركية تخوفت من عودة عمروف إلى الحياة مجدداً، مشيرةً إلى أنه ظهر على الساحة بعد الإعلان عن وفاته سابقاً.
ويشبه الإعلام المحلي الروسي عمروف بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، إذ سبق له الإعلان عن مسؤوليته عن التفجيرات التي ضربت قطار الأنفاق في موسكو في العام 2010، وعن هجوم إرهابي على مطار العاصمة الروسية في 2011، إلى جانب دعوته لتنفيذ عمليات “جهادية” خلال دورة الألعاب الشتوية التي تستضيفها سوتشي الروسية. كما أكد مقطع فيديو نشر في مواقع جهادية داغستانية على شبكة الانترنت أن التفجير الانتحاري الذي استهدف فولغوغراد الأسبوع الماضي جاء بأوامر من عمروف نفسه.
إعلان قاديروف عن مقتل “ابن لادن روسيا” جاء للتأكيد على خلو ألعاب سوتشي الشتوية من الهجمات الإرهابية. فإلى جانب التدابير الأمينة المشددة، رجح الرئيس الشيشاني انشغال الجهاديين بإعادة ترتيب صفوفهم في الفترة المقبلة بعد مقتل قائدهم عمروف.
“فورين بوليسي” نقلت عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد سيمون سارادزيهان تخوفه من إفراط قاديروف بالتفاؤل، مرجحاً أن عمروف وضع المخططات لمهاجمة الألعاب الشتوية قبل مقتله، “وبالتالي فإن التنفيذ ممكن بدونه”.
كما استبعد سارادزيهان ضلوع عمروف في التفاصيل الدقيقة للعمليات، “فأعتقد أنه تحول إلى ملهم روحي لأتباعه كما كان أسامة بن لادن. فبعد مقتل أسلافه خلال المشاركة في أعمال عدائية، لا بد أن عمروف تعمل الدرس”.
ويملك عمروف البالغ من العمر 49 عاماً تاريخاً طويلاً ودامياً في روسيا، إذ شارك في حرب تحرير الشيشان التي امتدت لعقود قبل أن تنجح القوات الروسية في السيطرة على العاصمة غروزني في تسعينيات القرن الماضي.
وسبق لعمروف شغل منصب وزير الأمن الشيشاني خلال فترة الاستقلال الوجيزة التي نالتها البلاد، قبل أن يعود إلى صفوف المقاتلين إبان الحرب الشيشانية الثانية في العام 1999 ويتقلد مناصب رفيعة مستفيداً من مقتل الكثير من القادة.
وفي العام 2007 أعلن “ابن لادن الروسي” تأسيس إمارة الشيشان، مؤكداً أنه سيسعى – كأمير – لضمّ الشيشان إلى باقي الولايات القوقازية ويطبق الشريعة الإسلامية.
سارادزيهان استبعد رواية قاديروف حول مقتل عمروف، معتبراً أن مقتله – إن صح -، “سيمثل ضربةً محسوسةً لأتباعه، لكنها ليست قاضية. فبخسارته، لن يكون لديهم بديل يملك ذات الثقل الرمزي والسياسي لدى الممولين والأتباع”.
ورغم الإعلان الرسمي عن مقتل عمروف، فإن المعلومات حول طريقة وفاته تبقى طيّ السرية والكتمان، فيما أشارت مصادر صحافية أنه قتل خلاف اشتباكات مع القوات الروسية، في وقتٍ لم تؤكد فيه حركة تحرير الشيشان نبأ مقتل قائدها ولم تنفه.
المدون الروسي المتطرف مارك يونغمان شبه الرئيس الشيشاني قاديروف بـ “الصبي الذي يحسب نفسه ذئباً”، من خلال إعلانه مرات عدة عن مقتل عمروف في السابق دون التأكد من صحة الخبر.
يونغمان أضاف “يبدو أن قاديروف يبحث عن نبؤو ترضيه”، مشيراً إلى أن إعلانه الأخير قد لا يعدو عن كونه محاولةً لإثارة البلبلة في صفوف المقاتلين الإسلاميين المناوئين لروسيا في جمهوريات شمال القوقاز، وصرف الأنظار عن الجدل الثائر حول ألعاب “سوتشي 2014”.
فهل يعود “ابن لادن روسيا” إلى الحياة مجدداً، أم يصدق قاديروف هذه المرة؟