سامي الريامي- الإمارات اليوم:
بغضّ النظر عن كونه حلالاً أو حراماً، وبعيداً عن الجدل الديني، هل فكر أحد في كيفية الاستفادة من
فكرة أعياد ميلاد الأطفال وتحويلها إلى مشروع إنساني وحضاري؟ وكيف يمكن تطوير هذه الفكرة من مجرد حفلة و«كيكة» وشموع و«نفخ» وهدايا إلى حزمة من الفوائد تعود على الطفل بفائدة حقيقية، ومجموعة قيم تلازمه طوال عمره؟
هناك من فعل ذلك، وهناك من أبدع في ذلك، ولا مانع هنا من إلقاء الضوء على الفكرة تشجيعاً لأولياء الأمور في تحويل الأفكار البسيطة إلى أفكار مبدعة، ليس هذا فقط بل تحويل الجدل إلى مشروع إنساني لا يتعارض مع الدين الإسلامي، بل يكرس مبادئه وحرصه على نشر الخير والسعادة في نفس كل من يحتاج إليهما.
الفكرة، كما فعلها صديق عزيز، هي التنسيق مع مركز المشاعر الإنسانية في جميرا في دبي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، يؤوي الحالات الصعبة المتأثرة بشلل دماغي، أو توحد، أو متلازمة داون، يقبع فيه عشرات من صغار وكبار السن، تتنوع حالاتهم ونوع الإعاقة فيهم، مركز ليس ربحياً ولا حكومياً، ويعتمد اعتماداً كلياً على التبرعات، ولا شيء غيرها، والفكرة هي إقامة حفل عيد الميلاد في المركز بين هؤلاء المعاقين، والهدف كان متعدداً، والمحصلة النهائية مجموعة من الأهداف تحققت بفاعلية، أولها كسر غير مألوف في فكرة أعياد الميلاد وتحويلها إلى نشاط إنساني مثمر، ثانيها زرع البسمة والفرحة في قلوب ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال مشاركتهم في جميع فقرات الحفل، وثالثها رسم صورة جميلة عن العمل التطوعي للأطفال المدعوين للحفل، حيث شاركوا في الترفيه عن نزلاء المركز وساعدوهم في الأكل والشرب واللعب معاً، ورابعها إعطاء الأطفال صورة واقعية ومعلومات حقيقية عن الإعاقات ونوعها وكيف يمكن التعامل مع أصحابها، وكيفية احترامهم وتقديرهم ومساعدتهم قدر الإمكان، وخامسها هدف لا يمكن أن يخطر ببال أحد، هو هنا منقول عن إدارة المركز، أن إقامة حفل في مركز ذوي الإعاقة هذا خفف عن الإدارة عناء توفير وجبة للنزلاء والموظفين، وكل تخفيف من هذا النوع لا شك في أنه سيصب في مصلحة هؤلاء المعاقين، فالمركز في نهاية الأمر يحتاج إلى كل تبرع، فهو جهد شخصي من أشخاص يحبون عمل الخير، فهل يمكن لنا تخيل ذلك، احتفال وعمل خيري وتطوع وفي نهاية الأمر أجر وفائدة!
فائض طعامنا يرمى، وكان الأجدر بنا التفكير في كيفية إفادة غيرنا منه، فهناك من يحتاج إلى كل لقمة أو وجبة، وهناك من يحتاج إلى أن نفكر فيه، ونهتم به، ونقضي ولو دقائق معدودة معه، هناك من يبحث عن الفرحة والابتسامة، ونحن بمقدورنا أن نوفر له هذه الفرحة بأقل التكاليف، نعم أقل التكاليف، فالاحتفال بين ذوي الإعاقة العقلية في ذلك المركز لم يكلف صديقي العزيز أكثر من 3000 درهم، مبلغ زهيد للغاية، لكنه حقق به سعادة عارمة لطفليه أولاً وللأطفال المدعوين ثانياً ولنزلاء المركز ثالثاً وللموظفين والعاملين البسطاء فيه، إنها حقاً فكرة رائدة ورائعة!
معلومة إضافية عرفها صديقي في هذا المركز، فهو كما ذكرت قائم بنسبة 100% على التبرعات الفردية، ومعظم المتبرعين من الأفراد هم من الأجانب، إضافة إلى بعض البنوك والشركات التي تبرعت بشراء أجهزة ضرورية لحياة وحركة هؤلاء المعاقين، في حين كان أول المتبرعين وكعادته دائماً صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، الذي منح المركز أرضاً ثمينة ومبنى واسعاً وجيداً، لكنه مازال يحتاج إلى الكثير من المجتمع للمساهمة فيه، فليس سهلاً أبداً ضم واحتواء مثل هذه الحالات، وتالياً فلابد من تطوير الأفكار الرائدة لضمان استمرارية هذا المركز وغيره في تأدية عمله الخيري والإنساني بالشكل المطلوب.