تثير محطات تلفزيونية جدلاً في شهر رمضان ببرامج الكاميرا الخفية المقتبسة عن محطات أجنبية, وتعمد هذه البرامج إلى الإثارة والتشويق لتحظى بنسب مشاهدة مرتفعة، غير أن بعضها يتجاوز الخطوط الحمراء، ويتجه إلى استغلال عفوية الناس مقحماً الإعاقة لقياس رغبة الجمهور في تقديم المساعدة.
وتواجه هذه البرامج العديد من الاتهامات حول التسبب بأضرار معنوية ومادية للمستهدفين بالمقالب، خصوصاً من يتعرضون لمواقف تهكمية تثير استفزازهم وتؤثر عليهم.
من جانبه أخلى المدير العام للمجلس الوطني للإعلام إبراهيم العابد مسؤولية المجلس تجاه محتوى البرامج التي تنتجها محطات غير محلية، موضحاً أن المجلس يحيل الشكاوى ــ حال وجودها ــ إلى المحاكم المختصة.
ويرى أستاذ القانون الجنائي المساعد في أكاديمية العلوم الشرطية بالشارقة الدكتور محمد فوزي إبراهيم أن هذه البرامج كشفت بعفوية وتلقائية أفراد المجتمع التي تجعلهم يرحبون بالكاميرا عقب الكشف عن هويتها، ويسمح غالبيتهم بعرض المقلب، مستثنياً من ذلك من يتخذون الطريق القانوني للبحث عن تعويض مادي أو أدبي من قبل المنتجين بحسب صحيفة “الرؤية”.
وشدّد إبراهيم على أهمية التفريق بين مكان التصوير العام والمكان الخاص سواء كان منزلاً أو مكان عمل، أو مكاناً يفترض بأن الشخص يمارس فيه حياته في إطار من السرية، واصفاً التصوير في مكان خاص بالجريمة التي يعاقب عليها القانون.
ويعاقب القانون رقم 3 لسنة 1987 من قانون العقوبات الاتحادي بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وغرامة لا تتجاوز عشرة آلاف درهم، أو بإحدى العقوبتين، كل من نشر بإحدى الطرق العلنية أخباراً أو صوراً أو تعليقات تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد، ولو كانت صحيحة، معتبراً ذلك تهديداً لجانب أساسي من قيم المجتمع الحضارية وتقاليده.
أما ما يتعلق بالتصوير في مكان عام ــ وهو الأكثر حدوثاً في برامج الكاميرا الخفية ــ فلم يجرم القانون تصوير الفيديو أو التصوير الفوتوغرافي للأشخاص في أماكن عامة، ويحق للمتضرر رفع دعوى مدنية للتعويض عن الضرر المادي أو الأدبي الذي أصابه شريطة إثبات الضرر الناجم عن الموقف.
وعن حدود السخرية المتبعة في هذه البرامج، أوضح أستاذ القانون الجنائي أن الكاميرا الخفية موضوع شائك قانونياً لاحتوائه مواقف تحمل سخرية من الأشخاص بهدف إدخال البهجة على المشاهدين، مطالباً بضرورة رسم الحدود المقبولة للسخرية شرط ألا تتعداها إلى التهكم.
واستعرض إبراهيم ، المادة 43 من القانون رقم 7 لسنة 2002 بشأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، والتي أشارت إلى عدم الأحقية بتصوير شخص أو الاحتفاظ بصورته من دون إذنه، ما لم يتفق على خلاف ذلك، موضحاً أن الحالات التي يستفيد فيها المتضرر الاستفادة من النص القانوني تتحقق عبر عدم حصول البرنامج على إذن من المتضرر بالعرض، أو النشر مع عدم وجود اتفاق مسبق على التصوير والعرض بدون إذن المصَوّر.
واستثنى إبراهيم وقوع تجريم التصوير على حادثة وقعت علناً، أو تعلقت بأشخاص ذوي صفة رسمية أو عامة أو لهم شهرة، إلى جانب أنه يترتب على التصوير مساس بمكانة الشخص الذي تم تصويره نتيجة عرض الصورة أو تداولها إذا كان التصوير والنشر مسموحاً بهما بناء على لائحة، أو قانون من السلطات العامة لخدمة المصلحة العامة.
ولم يحدد المشرّع، وفقاً لأستاذ القانون الجنائي، في النص شكل الإذن وهل هو كتابي أم شفوي، وقبل التصوير أم بعده، ولم يحدد معنى كلمة «صورة»، وإن كان مقصوداً بها التصوير الفوتوغرافي أو الفيديو.
وتشير المادة 41 من القانون إلى الحبس بما لا يزيد عن ستة أشهر، والغرامة وفقاً للقواعد العامة أو بإحدى العقوبتين للمخالفين، مع عدم الإخلال بما ورد فيه من عقوبات، الأمر الذي ينطبق على الجريمة السالف ذكرها.