“نحن نبني هيكلاً للمستقبل، وليس مجرد فريقاً من النجوم”، هذه الكلمات للشيخ منصور بن زايد آل نهيان التي قالها عام 2008 هي أول ما يستقبلك عندما تدخل مبنى الاتحاد التابع لأكاديمية مانشستر سيتي الذي تكلف بناؤها حوالي 340 مليون دولار.
وتحققت توقعات الشيخ منصور بعد 6 سنوات من هذه المقولة مع افتتاح مبنى الاتحاد أبوابه، وبات مانشتسر سيتي واحداً من أفضل فرق كرة القدم في العالم مع كوكبة مميزة من النجوم تمكنوا من إحراز لقب الدوري الإنكليزي الممتاز مرتين، بالإضافة إلى امتلاك أفضل منشأة للتدريب في العالم.
وعبر اللاعب الأرجنتيني بابلو زيبولا الذي وقع للفريق عام 2008 عشية انطلاق أعمال البناء، عن دهشته من المبنى الرائع للأكاديمية، وقال :”لم أشاهد شيئاً رائعاً مثل هذا من قبل، لقد لعبت إلى جانب الفريق الوطني للأرجنتين في الشهر الماضي ضد البرتغال، وتأثر اللاعبون بشكل كبير بما شاهدوه هنا بمن فيهم النجم ليونيل ميسي”.
وأضاف زيبولا :”يرغب اللاعبون الكبار دوماً بالتمرين في ملاعب جيدة، وإذا أردنا لفريقنا أن يتطور، يجب أن نحضر لاعبين كبار من أفضل الفرق الأوروبية، وعندما يحضر هؤلاء اللاعبون إلى مانشستر سيتي، يجب أن نظهر لهم أننا نمتلك أفضل المرافق في العالم”.
وأكد زيبولا أن الفريق الآن، لم يعد لديه أي عذر لأن يصبح واحداً من أفضل الفرق في أوروبا إن لم يكن أفضلها، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة أن لا يركن اللاعبون إلى الراحة والاسترخاء في الوقت نفسه.
ومن الواضح أن تغييرات كبيرة أجريت في الفريق خلال الأعوام القليلة الماضية، إلا أن مالكي النادي أظهروا التزاماً واضحاً لجعل فريق مانشستر سيتي استثماراً عظيما.
وتضم الغرفة التي تحدث منها زيبولا ديكوراً مستوحى من مدينة نيويورك، في إشارة إلى نادي نيويورك إف سي، وفي مناطق أخرى من المبنى، استخدم مفهوم ديكور استرالي، يمثل النادي الآخر الذي يشرف عليه مانشستر سيتي وهو نادي ميلبورن.
وشيد مبنى الأكاديمية إلى جانب ملعب الاتحاد الخاص بنادي مانشستر سيتي، ويرتبط به عبر جسر على طريق آلان تورينغ، بالقرب من مسقط رأس النادي في غورتون.
واعتاد مشجعو مانشستر يونايتد، العدو اللدود للسيتي، التعبير عن رفضهم للملعب، عن طريق تسميته بـ “بيت المجلس”، بعد أن انتقل إليه السيتي بعد دورة ألعاب الكومنويلث التي أجريت عام 2002، وأشرف الشيخ منصور بنفسه على تحديثات الملعب.
وذكرت صحيفة دايلي ميل البريطانية أن المسؤولين في مانشستر سيتي، درسوا 70 منشأة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، قبل أن يستقر بهم الرأي على التصميم الحالي، الذي ضم 16 ملعباً في الهواء الطلق، مع تقنية متطورة تحت الأرض تقوم بجمع مياه المطر وإعادة الاستفادة منها.
وخصص ثلثي الموقع لتدريب اللاعبين الشبان، ويمكن للمدرب بليجريني ولاعبيه الدخول إلى ثلاثة ملاعب، مع مساحة نصف ملعب مخصصة لحارس المرمى جو هارت، وهناك أيضاً ملعب منعزل تحيط به المباني التي تساعد اللاعبين على التمرين دون أن تعيقهم الرياح والأحوال الجوية العاصفة، كما ستؤمن 2000 شجرة زرعت حول ملاعب التدريب الخصوصية للاعبين بعيداً عن أعين المتطفلين.
وفي الطابق الأول للمبنى، هناك ثلاثة صالات رياضية، تضم أجهزة لتقوية العضلات والمهارات التقنية وغيرها، وصالة مرتفعة الحرارة يمكن للاعبين فيها التدريب في أقصى درجات حرارة، ناهيك عن غرف مخصصة للعلاج بالتبريد والعلاج بالأمواج فوق الصوتية.
وفي مجال المعالجة المائية، يتوفر 6 أحواض مائية مخصصة لعلاج الإصابات، بما فيها أحواض بدرجة حرارة منخفضة تصل إلى 4 درجات، وحمامات سباحة ساخنة بدرجة حرارة 36 لعلاج الإصابات، مع كاميرات وآلات تصوير تحت الماء لمراقبة حركة اللاعبين.
وبعد التشاور حول تصميم غرفة تبديل الملابس للاعبين، طلب اللاعبون أن تكون بشكل دائري، وبالتالي أكثر شمولية وتجمع جميع اللاعبين على مختلف جنسياتهم، إلا أن من غير المستغرب، أن نشاهد اللاعبين من أصول إسبانية يجتمعون سوياً وكذلك الحال بالنسبة للاعبين البرازيليين.
ويشمل الطابق الثاني صالة اللاعبين وغرفة الطعام، وقاعة تلفزيون تضم 56 مقعداً، يمكن للمدرب واللاعبين مراجعة المباريات والتدريبات، التي تم تصويرها بكاميرات خاصة مثبتة على جوانب الملعب.
ولم يغفل المصممون عن تخصيص قسم عناية خاص باللاعبين، وتأمين كافة متطلباتهم وتقديم المشورة لهم في بعض المسائل مثل الضرائب والصحة النفسية وإدمان الكحول والمخدرات والتعاطي مع وسائل الإعلام وغيرها، وتروي الملصقات على الجدران قصصاً مؤسفة للاعبين سابقين دمر الكحول والمخدرات حياتهم مثل النجم بول غاسكوين.
أما الطابق الثالث فهو محجوز لغرف نوم اللاعبين، حيث يقضون فيها ليلة قبل المباراة التي تقام على ملعبهم، وتشمل إقامة من فئة أربعة نجوم بأسرّة من الحجم الكبير، بالإضافة إلى كافة المرافق الأخرى الموجودة في الفنادق.
وأشار زاباليتا إلى أن الإقامة هنا أفضل من الفنادق، حيث يكون اللاعبون بعيدون عن ضجة المشجعين، ويحظون بالراحة التي يحتاجون إليها قبل المباراة، ويؤكد أنه يفضل الإقامة في الأكاديمية على البقاء في المنزل، حيث يحظى بكافة وسائل الرفاهية التي يحتاجها أي لاعب.
وبالإضافة إلى غرف نوم اللاعبين، هناك 80 غرفة نوم منها 40 محجوزة للباحثين، و12 للزوار وأولياء أمور المتدربين، ويوجد جدول زمني يحكي قصة كل لاعب تدرج في الأكاديمية للوصول إلى الفريق الأول.
ومن الواضح أن الشيخ منصور كان حريصاً منذ البداية، على تحويل هذا الصرح إلى مدرسة كروية تخرج أجيالاً من نجوم وأساطير كرة القدم، ويبدو من الجهود التي بذلت في المنشأة أنها لن تكون الأخيرة.