السبب الحقيقي لارتفاع الفرنك السويسري

تغير مفاجئ في سياسة البنك المركزي السويسري دفع إلى ارتفاع قيمة الفرنك السويسري أمام العملات الرئيسية، لا سيما أمام اليورو والدولار الأمريكي، وذلك عقب قيام البنك بالتخلي عن سياسة تثبيت سعر صرف اليورو أمام الفرنك السويسري ضمن قرار مفاجئ هز الأسواق المالية، ولربما يعطي هذا القرار علامات عمّا يدور خلف الكواليس بين أروقة البنوك المركزية الرئيسية.

التوترات والأزمات المالية عادة ما تدفع المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن للاستثمار، ولطالما كان الفرنك السويسري العملة المفضلة من قبل المستثمرين، كما هو الحال بالنسبة للين الياباني، ولكن مع تزايد الطلب على الفرنك بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008، وتفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو فيما بعد، تأثر الاقتصاد السويسري بشكل سلبي، لا سيما بالنسبة للصادرات.

تمثل الصادرات نحو 52% من الناتج المحلي الإجمالي السويسري، حسب تقديرات البنك الدولي 2013، وتعتبر منطقة اليورو الشريك التجاري الأكبر للاقتصاد السويسري، وتستحوذ على 45.5% من إجمالي الصادرات، مما يؤكد على مدى الارتباط الوثيق بين الاقتصادين.

منذ سبتمبر 2011، قام البنك المركزي السويسري بالتدخل المباشر في أسواق العملات للحفاظ على قيمة الفرنك أمام اليورو، بحيث قام البنك بتثبيت سقف ارتفاع الفرنك أمام اليورو عند مستوى 1.20 فرنك لكل يورو، وذلك عن طريق شراء كميات غير محدودة من اليورو في أسواق العملات الأجنبية “الفوركس”.

وأعلن البنك المركزي السويسري بشكل مفاجئ، الخميس الماضي، تخليه عن سياسة تثبيت سعر الصرف الفرنك أمام اليورو، وذلك في ظل التغيرات الجديدة التي طرأت على الساحة الأوروبية، لا سيما مع اقتراب البنك المركزي الأوروبي من تطبيق سياسات التخفيف الكمي.

يأتي ذلك على الرغم من تأكيد نائب محافظ البنك المركزي السويسري جان بيير دونتين يوم الأحد الماضي في لقاء تلفزيوني على أن البنك بصدد الاحتفاظ بسياسة تثبيت سعر صرف اليورو أمام الفرنك، وأنها أحد الأعمدة الرئيسية للسياسة النقدية للبنك المركزي السويسري.

البنك المركزي السويسري أعلن على هامش قراره المفاجئ بأن تطبيق سياسة تثبيت سعر الصرف كان في وقت استثنائي، بسبب حالة عدم التأكد بشأن الوضع في الأسواق المالية، وهذه السياسة النقدية الاستثنائية ساهمت في حماية الاقتصاد السويسري من مخاطر جمة.

وأشار البنك المركزي السويسري إلى أنه وعلى الرغم من ارتفاع قيمة الفرنك بشكل عام، إلّا أن حالة التقييم المبالغ فيها للفرنك السويسري تضاءلت منذ تطبيق سياسة تثبيت سعر الصرف، وبالتالي أصبح بالإمكان استغلال هذه النتيجة في تغيير توجه دفة السياسة النقدية، وهذا أحد الأسباب الأولية لقرار المركزي السويسري المفاجئ.

من ضمن الأسباب الرئيسية التي دفعت بالبنك المركزي السويسري للتخلي عن سياسة تثبيت سعر صرف الفرنك أمام اليورو -بحسب ما صدر عن البنك المركزي السويسري- يتلخص بحالة الاختلاف الجذري بين السياسة النقدية بين البنوك المركزية الرئيسية.

الاحتياطي الفيدرالي، البنك المركزي الأمريكي، يتجه إلى رفع سعر الفائدة ودفع السياسة النقدية إلى الحالة الطبيعية لما قبل الأزمة المالية العالمية 2008.

في المقابل، يتجه البنك المركزي الأوروبي إلى تطبيق سياسات التخفيف الكمي والتوسع في السياسة النقدية.

هذا الاختلاف دفع إلى انخفاض قيمة اليورو أمام الدولار الأمريكي، وبالتبعية ضعف الفرنك السويسري أمام الدولار الأمريكي أيضاً.

وبسبب ذلك؛ أصبح من غير المناسب الإبقاء على سياسات تثبيت سعر صرف الفرنك أمام اليورو.

الجدير بالذكر؛ أن البنك توسع في خفض سعر الفائدة لأجل ثلاثة أشهر من ما بين -1.25% و -0.25% من النطاق، إلى ما بين -0.75 و -0.25%.

زر الذهاب إلى الأعلى