في إطار البحث عن دلائل حول إمكانية انتقال مرض الزهايمر من شخص إلى آخر تقول دراسة جديدة أن مرض الزهايمر يمكن أن ينتشر عن طريق الأدوات الطبية إلى المرضى الذين يخضعون لعملية جراحية.
ويعتبر هذا المرض من الأسباب الأكثر شيوعا للخرف، ويؤثر على 850،000 شخص في المملكة المتحدة، وتستند الفرضية على دراسات سابقة لدماغ ثمانية مرضى بعد وفاتهم، فيما يحقق علماء بريطانيون بشكل لم يسبق له مثيل في “مشكلة علاجية المنشأ” لمرض كروتزفيلد جاكوب، وهو مرض يدمر خلايا المخ ومعروف أنه ينتشر عن طريق الأدوات الملوثة في العمليات الجراحية، وتوفي الأشخاص الثمانية جميعهم جراء مرض كروتزفيلد جاكوب، بعد تلقي حقن هرمون ملوثة سابقا، وكشف تشريح أدمغة هؤلاء الأشخاص تجمع البروتينات المرتبطة بمرض الزهايمر في مراحله الأولى لدى سبعة منهم.
وفي المقابل، سارع خبراء الصحة إلى طمأنة الناس وحثهم على عدم إلغاء أي إجراءات طبية وشيكة، بعد نشر هذه الدراسة في مجلة طبية، بالنظر إلى أن العلاج الهرموني توقف منذ 20 عاما.
كما سارعت الدكتورة الباحثة سالي ديفيز إلى طمأنة الجمهور بعد نشر نتائج الدراسة المثيرة للجدل في مجلة “نيتشر” الطبية، وأكدت أن المسؤولين في هيئات الصحة البريطانية يفرضون إجراءات صارمة للتقليل من خطر العدوى بالمعدات الجراحية.
وعلى الرغم من أن هذه الأبحاث لا تؤكد أن مرض الزهايمر من الأمراض المعدية التي يمكن أن تنتقل من مريض لآخر بالوسائل التقليدية، إلا أنها تشكل ناقوس خطر لاحتمال انتقال المرض عبر الأدوات الطبية في حال لم يتم تعقيمها بالشكل المناسب.
ويقول الباحثون إن النتائج التي توصلوا إليها تفرض الحاجة إلى ضرورة اتباع اجراءات وتدابير وقائية للتأكد من نظافة المعدات والأدوات قبل استخدامها في العمليات الجراحية.
وقال العلماء إن البحث لا يزال في مرحلة مبكرة، مؤكدين أنه لا يمكن أن يصاب الناس بهذا المرض مثل “الإنفلونزا” العادية، وقال أحد الخبراء البريطانيين الذي شارك أيضا في الدراسة أنها ستفتح السبل في البحث عن علاج للخرف.
وتوصلت الدراسة إلى أن الأصول البيولوجية لمرض الزهايمر ربما تكون قد انتقلت من خلال إجراءات وممارسات طبية، مثل نقل الدم وتكرار استخدام المعدات الجراحية، فيما يقول المتخصصون إن خطر انتقال المرض بهذه الصورة يبدو نظريا بدرجة كبيرة.
ووجد بحث نشر يوم الأربعاء أدلة على أن بروتينات مميزة للزهايمر انتشرت إلى مجموعة من المرضى عن طريق أسلوب للعلاج الهرموني لم يعد مستخدما الآن، وقال جون كولينج الأستاذ بكلية لندن الجامعية ومدير وحدة بريون الذي أشرف على هذه الدراسة التي أوردتها دورية (نيتشر) “إنه أمر مثير للدهشة”.
ولم يعد أسلوب العلاج بالهرمونات المستخلصة من البشر مستخدما الآن بسبب مخاطر التلوث لكن كولينج قال إن الأمر يتطلب مزيدا من الدراسات لمعرفة ما إذا كانت إجراءات أخرى مثل نقل الدم وتكرار استخدام المعدات الجراحية تمثل خطرا محتملا.
وقال كولينج في إشارة إلى تجارب سابقة على الفئران والقردة بالمعامل برهنت بالفعل على أن نقل بروتينات الزهايمر ممكن من الوجهة النظرية “لسنا في حاجة لتوجيه مثل هذا السؤال، وثمة أدلة من الدراسات على الحيوانات تقول إن ذلك ليس غير قابل للحدوث والتصديق”.
وقال خبراء طلب منهم التعليق على بحث كولينج إنه مثير للاهتمام من الوجهة العلمية لكن يتعين ألا يسبب قلقا لا داعي له.
ودعا الباحث في الجمعية البريطانية لمرض الزهايمر اريك كاران إلى الحذر في نتائج هذه الدراسة كونها لم تشمل سوى عددا محدودا جدا من الأشخاص، داعيا إلى التعمق في الأبحاث المتصلة.
وقال إن “العوامل الأساسية لمرض الزهايمر هي التقدم في السن والعوامل الوراثية ونمط الحياة، وإن ثبت فعلا أن حقن الجسم بخلايا مصابة يؤدي إلى ظهور المرض فهذا لا ينطبق سوى على عدد محدود جدا من الأشخاص”.
وقال الدكتور دوغ براون، مدير الأبحاث في جمعية الزهايمر، أنه “ليس هناك على الإطلاق أي دليل على أن مرض الزهايمر مرض معد أو يمكن أن ينتقل من شخص إلى آخر عن طريق أي من الإجراءات الطبية الحالية.”
وقال البروفيسور نايجل هانت، عميد كلية جراحة الأسنان: “أن علاج الأسنان ممارسة سريرية لا تشكل أي خطر، وأن حماية المرضى من مخاطر العدوى من أهم الأولويات وذلك بالحرص على استخدام أدوات تستعمل مرة واحدة، وأجهزة معقمة بشكل جيد.