متابعة- سنيار: مع دخول قانون العمل 6 ساعات في اليوم في السويد حيز التنفيذ، قد يطرح الكثيرين سؤالا حول قابلية تحقيق هذه السياسة في دول أخرى من قبيل دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة أن العمل 40 ساعة في الأسبوع أصبح من دعائم العالم الحديث المتقدم و يصعب أن نتخيل الحياة بدونه.
ولكن تقليص ساعات العمل إلى ست ساعات فقط في اليوم كانت له نتائج إيجابية من حيث كفاءة وسلامة الموظفين على الرغم من انخفاض أرقام التعاملات، ونتيجة لذلك، عممت مدينة غوتنبرغ هذه التجربة مع سعي البلاد لزيادة الإنتاجية، وكذلك محاولة تحقيق التوازن بين العمل والحياة الخاصة للموظفين.
وعلى الرغم من هذا، فإنه من الصعب التفكير في جدوى هذه التجربة في دولة مثل الإمارات أو مدينة مثل دبي، وهل من الممكن لهذا المشروع أن يعمل في دولة الإمارات؟ وهل يمكن أن تصبح ساعات العمل الرسمية أقل مع الحصول على نفس الراتب؟
قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من محاولة فهم فوائد العمل ست ساعات، وقبل ذلك لابد من العودة خطوة إلى الوراء ونرى لماذا كان العمل من 5 إلى 9 ساعات يعتبر نموذجيا وهي الفكرة التي لم تكن سديدة لدى الكثيرين في بدايتها قبل أن تصبح معيارا في جميع أنحاء العالم.
خلال القرن 18 وحتى عام 1916 كان العمال يعانون من الإرهاق بسبب العمل من 12 إلى 14 ساعة في اليوم ولمدة ستة أيام في الأسبوع، وفي عام 1810 اقترح روبرت أوين الاشتراكي الأمريكي فكرة يوم العمل ذي الثماني ساعات، ومع ذلك، لم يصبح العمل 40 ساعة في الأسبوع معيارا قانونيا حتى عام 1938، عندما أقر روزفيلت الرئيس الأمريكي حينها قانون ” The Fair Labors Standards Act”.
ويبدو اليوم أن التاريخ يمكن أن يعيد نفسه حيث تشير المزاعم الأخيرة أن العمل لمدة ثماني ساعات يوميا يؤدي في الواقع إلى ضعف الإنتاجية، وبالتالي يمكن أن يسبب قضايا صحية خطيرة.
وقد قررت الشركة السويدية لتطوير التطبيقات Filimundus تقليص ساعات العمل إلى ست ساعات، وقال لينوس فلت، الرئيس التنفيذي للشركة: “إن يوم العمل لمدة ثماني ساعات ليس فعالا كما قد يعتقد المرء حيث أن الاستمرار في التركيز على مهمة عمل محددة لمدة ثماني ساعات يشكل تحديا كبيرا، ومن أجل التأقلم، حاولنا جعل ساعات العمل قابلة أكثر للتحمل، وفي الوقت نفسه، نجد أنه من الصعب علينا إدارة حياتنا الخاصة خارج العمل “.
شركة أخرى هي Brath، وهي شركة ناشئة متخصصة في SEO اختارت يوم عمل أقصر قبل ثلاث سنوات، وقال الرئيس التنفيذي للشركة، ماريا Brath أن السبب هو “أننا نهتم فعلا بموظفينا، ونهتم بأن يتمكنوا من قضاء أوقاتهم مع العائلة، أو في القيام بشيء آخر يحبونه بعيدا عن العمل”.
وفي سعيها لتحقيق مستوى أعلى من الإنتاجية في ساعات أقل، منعت الشركات في السويد أيضا عمالها من استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي، وفي 2013 أعلنت دراسة أجرتها صحيفة وول ستريت جورنال أن التغريد على تويتر يكلف الشركات الأمريكية 112 مليار دولار سنويا، وينظر إليه على أنه القاتل الصامت للإنتاجية، وينطبق ذلك على إنستغرام في دول مجلس التعاون الخليجي.

وقد تم اختبار العمل ست ساعات في أماكن أخرى في الماضي عندما قدمت فنلندا التجربة بين 1996-1998، والتي أثبتت أنها تعود بالفائدة على الرجل والمرأة، كما أنها توفر لهم المزيد من الوقت مع العائلة، أو ممارسة أنشطة أخرى أو تنظيف منازلهم،
وقبل فنلندا تم اختبار العمل لمدة ست ساعات في اليوم من طرف شركة كيلوغ، وهي شركة أمريكية متعددة الجنسيات متخصصة في التصنيع الغذائي و التي قامت بنفس التجربة في عام 1930 وقد نجحت بشكل كبير وشملت النتائج تخفيضات كبيرة في التكاليف العامة.
وتأتي التحديات التي تواجه الإمارات لو قررت الانتقال إلى العمل ست ساعات في اليوم من اختلاف الثقافة مقارنة بالدول الأوروبية مثل السويد وفنلندا حيث أن الجلسات الصباحية تحظى بشعبية كبيرة في منطقة الخليج، وعادة ما يبدأ يوم العمل بالاجتماع مع الزملاء أو العملاء لتناول القهوة و ينتهي بنفس الجلسات وفي حال اعتبار هذه الجلسات الصباحية و المسائية جزءا من وقت العمل فلن يقضي الموظف في مكتبه سوى ثلاث ساعات على الأكثر.
و المصادفة هي أن دولة الإمارات تحتل المرتبة 14 عالمياً على مؤشر السعادة التي حددها تقرير المبادرة العالمية للأمم المتحدة، ولكن لديها أهداف لتصبح واحدة من أسعد عشر مدن ولذلك فإن تقليص ساعات العمل إلى ست ساعات بالتأكيد سيوفر المزيد من السعادة للسكان المحليين والوافدين على حد سواء.

وأظهر استطلاع أجراه موقع العمل الإقليمي Bayt.com في 2013 أن 75 في المائة من سكان الإمارات يعتقدون أن التوازن بين العمل الجيد و الحياة يشكل دافعا مهما، وادعى 60 في المائة منهم أن أرباب عملهم عرضوا عليهم دعمهم لتحقيق ذلك.
وقال نائب الرئيس لشؤون المبيعات في Bayt.com، سهيل المصري: “نتائج الاستطلاع تظهر أن الشركات بحاجة إلى أن تقوم بالمزيد لتحفيز الموظفين، وتحديدا في مجال تحقيق التوازن بين العمل و الحياة، وهذا ما يهم لمعظم المهنيين.
ويمكن للهدف الثانوي من تقليل ساعات العمل و المتعلق بالإنتاجية أن يدفع الشركات للتكيف مع المخطط، وقال سهيل المصري في هذا الصدد أن المخطط لن يفيد العمال بل أن أكبر استفادة ستكون من نصيب الشركات لأنه ببساطة سيؤدي إلى زيادة الإنتاجية مع الحد من التكاليف.
ولأن دبي تواصل سعيها لتكون واحدة من المراكز التجارية المركزية في العالم، فإنه من الصعب أن نتصور أن العمل ساعات أقل في الأسبوع يمكنه فعلا تحسين الإنتاجية، ومع ذلك، على أساس الوقائع تبدو فكرة معقولة جدا يمكن أن تتعايش بشكل جيد مع هذه الطموحات العالية.
ومن غير المعروف ما إذا كانت أي من دول الخليج تعتزم اختبار يوم عمل أقصر ومع ذلك، فإنه سيكون من المثير للاهتمام أن نرى ما إذا كانت الإمارات أو مدينة دبي ستحذو حذو مدينة غوتنبرغ، وتفعل شيئا خارجا عن المألوف، خاصة أن هذه المدينة لم تخش أبدا أن تكون مختلفة.