عبدالله العبدولي: لا حديث في الإمارات بالأمس سوى عن المبادرة التي اعتمدها مجلس الوزراء للكشف المبكر عن السرطان لمواطني دولة الإمارات، والتي تهدف إلى اكتشاف المرض في مراحله المبكرة، وتوعية المجتمع بالوقاية من مسبباته، حيث رأى عدد من المتابعين أن هذه المبادرة أظهرت أن هناك عمل جدي قام به أناسٌ نذروا أنفسهم من أجل خدمة هذه الأرض.
فالصدى الذي لاقته هذه المبادرة كان مثيراً للانتباه، وردود الأفعال كانت إيجابية بشكل كبير، وأعتقد أن ردة الفعل هذه ظهرت بسبب اقتحام هذا المرض لشريحة كبيرة من أفراد المجتمع في الإمارات، وتسببه في ترحال الكثير حول العالم وتغربهم بحثاً عن علاج قد يساعد في إبعاد شبح الموت عن المصاب.
وما يزال العديد منهم يعتقدون أن هذا المرض لا يمكن تفاديه ولا الوقاية منه ولا الحد من خطر الإصابة به، فالمحاولات الشائعة لاتقاء شره تصطدم بالعامل الوراثي الذي لا يمكن الفرار منه سوى برصد الخلايا الخبيثة قبل أن تتحول إلى أورام يصعب التعامل معها في مراحلها المتقدمة، وهذا ما دفع المتابعين لمعرفة حجم المسؤولية الملقاة على رأس الهرم الصحي في الإمارات.
فمنذ توليه الوزارة في 2011، دأب عبدالرحمن العويس على إعادة ترميم جسور الثقة التي اهتزت بين الوزارة والمواطنين الذين كانوا يرون أن هناك قصوراً كبيراً في جودة الخدمات ونوعية الكادر الطبي، ولم تكن خطواته مسموعة إعلامياً، فالكثير من الصحفيين لا يعلمون ما يدور في داخل كواليس الوزارة، على الرغم من بعض المحاولات للتلصص والحصول على سبق صحفي، إلا أنها عادة ما تبوء بالفشل، حتى ظهورها من أروقة مجلس الوزراء.
فالجهود التي بذلها العويس وفريقه في تغيير ثقافة المجتمع تجاه الخدمات الصحية دفعت بالميزانية المخصصة لها للقفز نحو أرقام لم تكن لتحصل عليها لو لم تتحول إلى واقع ملموس من قبل المواطنين، فمن 2,7 مليار درهم في عام 2010، إلى 3,9 مليار درهم في 2015، وهو ما يمثل 8% من إجمالي الميزانية الاتحادية، وهذا ما وضع الإمارات على قائمة الأفضل عربياً في الخدمات الصحية، وتحقيقها أعلى درجات الجودة في الخدمات الصحية لمواطنيها بحسب ما ذكر مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي.
لا يمكننا اختزال نجاحات الصحة في عبدالرحمن العويس فقط، ولكن دوره في تحويل شكاوى المواطنين إلى مبادرات يحصل من خلالها على اعتمادات من مجلس الوزراء، يعكس مدى قدرته على إدارة دفة الوزارة نحو الأفق الذي رسمته القيادة والمستقبل الذي ينشده المواطنون.