عبدالله النعيمي-الرؤية: صعدت إلى المسرح .. استلمت جائزتها وسط تصفيق الحاضرين، ثم وقفت لتشكر كل الذين ساندوها في مشوارها الطويل، وفي مقدمتهم زوجها براد بت وأطفالها بالتبني، ثم بدأت الحديث عن أمها، وقالت عنها كلاماً جميلاً «… كانت واضحة معي بأن لا شيء له معنى لو لم أهب حياتي لمساعدة الآخرين، لم أفهم كلامها لفترة طويلة، بدأت التمثيل صغيرة، تساورني المخاوف بخصوص آلامي وتجاربي الشخصية.
لم أفهم ما ترمي إليه أمي إلا عندما بدأت بالسفر والعيش بعيداً عن منزلي، عندها فهمت مسؤولياتي تجاه الآخرين. وعندما قابلت الناجين من الحروب والمجاعات والاغتصاب، علمت كيف هي الحياة بالنسبة لمعظم الناس في هذا العالم، وكم كنت محظوظة ومحمية لوجود طعام آكله، ومكان آمن أعيش فيه، ومن ثم قررت ألا أعود لما كنت عليه سابقاً».
ثم تغيرت نبرة صوتها قليلاً، وبدت وكأنها تُعرّي الحاضرين أمام أنفسهم «جميع من في هذه الغرفة محظوظون للغاية .. لم أفهم حتى هذه اللحظة لِمَ يُحالف الحظ بشراً دون غيرهم، ولِمَ هناك في مكان آخر من العالم امرأة مثلي بالقدرات والرغبات نفسها، وبنفس القيم والحب للعائلة، لكنها تجلس في مخيم للاجئين بلا صوت، تفكر فيما سيأكل أبناؤها، وكيف ستقوم بحمايتهم.. لا أعلم لِمَ هذه حياتي بينما تلك حياتها، لا أفهم ذلك لكني سأقوم بما أمرتني به والدتي، وسأعمل أفضل ما يمكنني فعله في هذه الحياة لأكون ذات نفع». وضجت القاعة بالتصفيق، ولفترة أطول هذه المرة.
وأنا أنصت لكلمتها الإنسانية الرائعة، مرت من أمام عينيّ وجوه كثيرة حدثتنا طويلاً عن الإحسان، وفضل الإحسان، وثواب الإحسان، لكنها لم تترك في القلوب أثراً كالذي تركته إنجلينا.
ربما لأن بعضهم كان يفكر بتحصيل الثواب الأخروي أكثر من تفكيره بإغاثة أخيه الإنسان، وربما لأن بعضهم حصر إحسانه في إطار دين معين ومذهب معين وأيديولوجيا معينة، وربما لأن بعضهم كان يهتم برضا الناس أكثر من اهتمامه براحة ضميره!
لكل من يسأل لماذا تحولت إنجلينا من ممثلة إغراء عادية إلى نجمة كبيرة تحظى بتقدير عالمي غير مسبوق، أقول إن إنجلينا تفعل الخير من أجل الخير ذاته .. من أجل الإنسان قبل أي شيء آخر .. فأصبحت مثل السحابة الماطرة تنثر قطراتها على جميع المحتاجين، دون أن تسألهم عن أديانهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم .. وأكبر دليل على صدقها، هو منحها وقتها كله للعمل الإنساني، وتخصيص جزء صغير منه لمصالحها الشخصية، وليس العكس كما يفعل غيرها من المشاهير!