سوزانه شروتر- DW…عندما قام أستاذ علم اللاهوت في جامعة مونستر مهند خورشيد عام 2012 بنشر كتاب بعنوان “الإسلام رحمة”، أثار بذلك ردود فعل متباينة جدا. كثير من غير المسلمين رحبوا بالكتاب على أنه إظهار لإسلام إنساني، إسلام لا يحتاج أحد للخوف منه، وكذلك أيضا لأن كاتبه رسم صورة لإله “لا يهتم بعناوين على شاكلة مسلم، مسيحي، يهودي، مؤمن أو كافر.”
خورشيد نبذ فكرة وجود صلاحية أبدية للآيات والأحاديث التي تتضمن كراهية غير المسلمين ومعاداة النساء وتبريرات للعنف، وأراد اعتبارها مجرد وثائق من الماضي.
وبدا الأمر وكأن البروفسور نجح بجرة قلم في تبديد مخاوف كل من كانوا غير واثقين فيما إذا كان الإسلام يتماشى فعلا مع ألمانيا، مثلما أعلن الرئيس الألماني (السابق) كريستيان فولف في خطابه الأسطوري في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2010.
وربما اعتقد البعض أن ذلك يعد سببا جيدا، حتى بالنسبة للمسلمين، لكي يربتوا على كتفه اعترافا بجهوده. لكن ذلك لم يحدث. بل على العكس. فعلى الموقع الإلكتروني للاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية (ديتيب)، أكبر رابطة إسلامية (في ألمانيا)، كُتب بأن تصريحات خورشيد إنما هي “رفض للتعاليم الإسلامية الكلاسيكية” و”إهانة للهوية الإسلامية”. ولهذا السبب تم اعتبار العلاّمة (خورشيد) بأنه لم يعد يصلح لأداء وظيفته كأستاذ جامعي ويتعين إبعاده عنها.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد: فالمجلس التنسيقي للمسلمين، وهو عبارة عن تكتل لعدد من الاتحادات الكبيرة، قام بكتابة “تقرير خبراء” قوي يتضمن 100 صفحة للتأكيد على هذه المطالب، ولكنه ولحسن الحظ لم ينجح في ذلك.
مطالب بتفسيرات تنويرية للإسلام
خورشيد والاتحاد التركي الإسلامي (ديتيب) هما ممثلان لقطبين متناقضين يتصدران الجدل القائم داخل (تيارات) الإسلام الحالي في ألمانيا. فمن جهة توجد مجموعة من أولئك الذين يصورون اللاهوت الإسلامي علما حديثا ولا يتكتمون الآراء المنتقدة للمصادر الدينية، بل ويفهمون تلك المصادر على أنها مرتبطة بزمن معين، وبالتالي فهي قابلة للتغيير. ومن بين هؤلاء مثقفون انضموا إلى منتدى ألمانيا الإسلامي أو الاتحاد الإسلامي الليبرالي. لكن هناك أيضا باحثون، مثل عبد الحكيم أورغي وحامد عبدالصمد وسيران آتش، ذهبوا إلى أبعد مما ذهب إليه خورشيد وطالبوا بتفسير متنور للإسلام.
وعلى الطرف المقابل، يوجد مسلمون يحاولون تجنب أي جدل حول الإسلام ويسعون لعرقلة أية تغييرات أو تفسيرات جديدة للنصوص الدينية. وأغلبيتهم منظمون في جمعيات ولا يلفتون الأنظار إليهم إلا من خلال تصريحاتهم عقب كل عملية إرهابية بأن الجهاد الإسلاموي لا علاقة له بالإسلام.
لا يطعن ممثلو هذه الجمعيات في حقيقة أن العالم شهد منذ بداية الألفية (الحالية) تزايدا كبيرا في العمليات الإرهابية باسم الإسلام. لكن بدلا من أن يقوموا بتركيز الاهتمام على التبريرات الدينية للعنف الإسلاموي، يكيلون الاتهامات لمجتمع الأغلبية بأنه يعادي الإسلام، إذا لم يكن هذا المجتمع مقتنعا بتبرؤهم اللفظي من الإرهابيين. أيمن مزيك من المجلس المركزي للمسلمين دعا قبل فترة وجيزة إلى إلغاء كلمة الإسلاموي، وكأنه بذلك ستختفي هذه الظاهرة.
“جيل الله”
السفسطة البلاغية تدفع إلى الاعتقاد بأن هناك قصدا لعدم الرغبة في لمس هذا الموضوع. ويتماشى ذلك مع التبريرات التي قيلت عقب ما نشرته وسائل الإعلام عن حالات تطرف في بعض المدن التي تنشط فيها مجموعات محلية تابعة للاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية (ديتيب) في ميلزونغن ودينسلاكن وفولفسبورغ، والتي وصفت بأنها مجرد سقطات. وكل من يراقب هذه الألاعيب يتساءل عما إذا كان السبب وراء اللامبالاة الغريبة هذه ربما موقف متناقض حيال العنف الذي يتخذ من الدين تبريرا له.
ذلك أن الجهاد بمفهوم حرب حقيقية هو مصطلح مهم في القرآن والأحاديث. وعلى هذا المصطلح بالذات يستند الدعاة إلى الجهاد، الذين ما يزالون يعتبرونه حتى في يومنا هذا أداة مناسبة لإنزال العقاب على كل من أساء للنبي محمد وللثأر من السياسة الغربية أو لاستخدام العنف ضد اليهود الذين يكنون لهم الكراهية.