متى ستراقب معارض التوظيف في الإمارات؟

مازالت هناك العديد من الأصوات التي تطالب بضرورة وجود جهة حكومية تشرف وتراقب الوظائف التي تطرح في معارض التوظيف، والتأكد من جديتها، ومراقبة مسار طلبات التوظيف التي يقدمونها «حتى لا تتحول معارض التوظيف إلى مجرد حدث إعلامي تشارك فيه الشركات والمؤسسات للتسويق والدعاية لنفسها، من خلال عرض وظائف شاغرة في الأساس، وليس تقديم فرص حقيقية للباحثين عن عمل».

من جهته قال سامي الريامي رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم في مقال له نُشر اليوم بعنوان “مسرحيات.. في معارض التوظيف” أن هناك الكثير من الشركات التي تستخف بالشباب المتقدمين للوظائف، حيث تقوم بجمع السّير الذاتية في المعارض، لتُلقي بها في أقرب حاوية قمامة بعد المعرض.

سامي الريامي-الإمارات اليوم:

شركات القطاع الخاص، معظمها، ليس جاداً في توظيف المواطنين، ولا يملك رغبة حقيقية في استيعابهم أو زيادة عددهم، هذه حقيقة واضحة، لا مبالغة أو تجني فيها على أحد، ولا أستثني من هذا الاستنتاج الشركات شبه الحكومية، تلك التي تمتلك الحكومات نسبة كبيرة منها، أو لها صلة مباشرة بصورة أو بأخرى مع الحكومات المحلية أو الاتحادية، معظمها غير جاد في تعيين المواطنين، على الرغم من أنها توظف سنوياً آلاف البشر من مختلف الجنسيات!

لذلك لا يبدو الأمر غريباً عندما نُشكك في هدف هذه الشركات من المشاركة في معارض التوظيف التي تقام سنوياً في مختلف إمارات الدولة، وليس بغريب أن نُدرك أنها تشارك فقط للوجود والترويج والدعاية من جهة، وللفت نظر المسؤولين الكبار الذين يزورون المعرض إلى وجودها من جهة أخرى، وبلاشك، هذه الأجنحة الأنيقة والكبيرة ليست أموالاً مهدرة بالنسبة لها، بل هي تحصد الثمار لاحقاً، وهذه الثمار عبارة عن كسب سمعة، والحصول على امتيازات وتسهيلات، ولا علاقة لها أبداً بالتوظيف، وهذا كله على حساب ذلك المواطن البسيط الذي «حفيت قدميه» من كثرة التنقل بين الأجنحة العارضة، وتوزيع سيرته الذاتية على الجميع، في حين أن مصير تلك الأوراق يعرفه الجميع!

لتأكيد هذا الكلام، هُناك أرقام صادمة للغاية، كشفها برنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية (كوادر)، تُثبت بشكل قاطع عدم رغبة الشركات الخاصة، وشبه الحكومية، في مختلف القطاعات في توظيف واستقطاب المواطنين، وتُثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن المشاركات في معارض التوظيف ما هي إلا مسرحية كبرى تُمثل فيها هذه الشركات على المجتمع والشباب المواطنين، والمسؤولين أيضاً، إنها بالفعل خدعة كبرى أجادوا ممارستها بشكل سنوي!

هذه الإحصائية تتضمن التوطين حسب القطاعات منذ عام 2006 حتى نهاية العام الماضي، وفيها مجموعة صدمات قوية تهزّ الأبدان، فالقطاع العقاري في الدولة، بكل شركاته العملاقة العابرة للقارات، وبكل شركاته الخاصة وشبه الحكومية، ورغم مليارات الدراهم التي تخرج منه وتدخل إليه، ومئات الآلاف من الفرص الوظيفية التي يوفرها لجميع جنسيات العالم، لم يوظف طوال العام الماضي سوى مواطن واحد فقط لا غير، فهل يمكن تخيل ذلك؟!

وهل يُمكن تصديق أن قطاع الضيافة الذي يضم مئات الفنادق الكبرى، تلك التابعة بشكل أو بآخر للحكومة أو الخاصة، والتي تتعامل أيضاً مع مليارات الدراهم، وتحصل على تسهيلات لا حدود لها من الدولة، وتعد أحد أهم القطاعات التي تُعوّل عليها الدولة لمرحلة ما بعد النفط، لم توظِّف سوى مواطنين اثنين فقط طوال العام الماضي؟!

وتستمر الصدمات في قطاع التأمين، فقد تم تعيّين خمسة مواطنين فقط، والقطاع التجاري بأكمله رغم أنه أفضل حالاً فإن الرقم لم يتجاوز 79 مواطناً!

هذه القطاعات جميعها شاركت في معارض التوظيف السابقة، وشيّدت أجنحة ضخمة في معرض التوظيف في دبي العام الماضي، لكن الفيل تمخض ليلد فأراً، ما يدل بشكل واضح على أن المشاركة لم تكن أبداً بهدف التوظيف أو استقطاب المواطنين، فإلى متى ستظل هذه الشركات تستخف بهؤلاء الشباب؟ وإلى متى ستظل تجمع السّير الذاتية في المعارض، لتُلقي بها في أقرب حاوية قمامة بعد المعرض؟ وإلى متى ستظل تستخدم المعرض مكاناً للترويج ورفع الشعارات التجارية فقط؟ وإلى متى ستظل الجهات الحكومية المعنية تلتزم الصمت إزاء ما يحدث من تمثيل في معارض الوظائف؟!

زر الذهاب إلى الأعلى