متابعة-سنيار: قالت القوات المسلحة التركية الجمعة إنها سيطرت على السلطة في البلاد من أجل حماية النظام الديمقراطي وحقوق الإنسان، وأعلن بيان الجيش تعليق العمل بالدستور وفرض الأحكام العرفية.
وقال متحدث باسم الجيش إن الدولة يديرها الآن “مجلس سلام” سيضمن سلامة السكان، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية أضرت بالنظام العلماني.
وكان ضباط من الجيش التركي موالون للسياسي المعارض فتح الله غولن بإنقلاب عسكري على السلطة في تركيا، وقالت مصادر إعلامية إن دويّ إطلاق نار سمع قبل قليل في العاصمة التركية أنقرة، وأضاف شهود عيان أنه تم إغلاق جسري البوسفور والسلطان محمد الفاتح في اسطنبول.
من هو فتح الله غولن؟
ولد “غولن” في قرية بمحافظة أرضروم شرق البلاد يوم 27 أبريل 1941. وتلقى تعليما دينيا منذ صباه، إضافة لعلم الفلسفة وغيرها، كما اطلع على الثقافة الغربية وأفكارها وفلسفاتها إلى جانب الفلسفة الشرقية. وفي أثناء دراسته تعرف على رسائل النور التي ألفها سعيد النورسي (أحد أبرز علماء الإصلاح الديني والاجتماعي في عصره) وتأثر بكتاباته وسيرته الشخصية حتى أنه عزف عن الزواج تشبهاً به وتفرغاً للدعوة.
وفي العشرين من عمره، عُين غولن إمام جامع في مدينة إدرنة (شمال غرب) لكنه بدأ عمله الدعوي في مدينة إزمير، وانطلق بعدها ليعمل واعظا يلقي الخطب والمواعظ في جوامع غرب الأناضول، كما رتب محاضرات علمية ودينية واجتماعية وفلسفية وفكرية.
وخلال النصف الثاني من القرن الماضي، كان غولن من الرواد الذين كونوا الجيل الثاني من الحركة النورسية بعد تفرقها، منشئاً ما سمي لاحقاً بحركة “الخدمة” أو “جماعة غولن” التي تعتبر أحد أهم وأقوى فرق الجماعة الأم.
ويعرف عن غولن تبحره في العلوم الإسلامية المختلفة، وبراعته في الخطابة، إضافة إلى غزارة إنتاجه العلمي، حيث ألف أكثر من سبعين كتاباً، ترجمت إلى 39 لغة في مقدمتها العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية والألمانية والألبانية. وأغلب كتب غولن تدور حول التصوف في الإسلام ومعنى التدين، والتحديات التي تواجه الإسلام اليوم.
ماهي حركة غولن؟
هي جماعة إسلامية، قام غولن بتشكيل نواتها الأولى أوائل عام 1970 بمدينة إزمير، قبل أن تتوسع لتصبح حركة لها أتباعها داخل تركيا وخارجها. وتعتمد في مرجعيتها على الفكر والقائد معا، وأهم ما يطبعها أنها اجتماعية وقومية، تركز على مسلمي تركيا وتنزوي عن باقي الهويات الإسلامية، ولديها انفتاح على الغرب خاصة.
وتهتم حركه غولن بالدرجة الأولى بالتعليم وإنشاء المدارس بمختلف مستوياتها داخل وخارج تركيا، إضافة لإنشاء مؤسسات اقتصادية وإعلامية وطبية وثقافية وإغاثية، وتعتبر هذا وسيلة لإعداد كوادر يتولون عدة مهمات في الدولة مستقبلا، حتى تبقى الحكومات دائما تبقى تحت وصايتها. وتركز الجماعة على التعليم الحداثي في جميع المستويات، ولها مدارس ومعاهد منتشرة في جميع القارات، كما أن لها أنشطة ثقافية تنتقدها الجماعات الإسلامية الأخرى، كتلك التي تسمى “أولمبياد اللغة التركية”، وهي عبارة عن حفلات تقام في تركيا سنويا ويتسابق فيها طلاب مدارس الجماعة وطالباتها من مختلف دول العالم بالأغاني والرقصات التركية.
منهجه
أول ما يلفت النظر في غولن هو أنه لا يفضل تطبيق الشريعة في تركيا، حيث يقول الغالبية العظمى من قواعد الشريعة تتعلق بالحياة الخاصة للناس، فيما الاقلية منها تتعلق بإدارة الدولة وشؤونها، وانه لا داعي لتطبيق احكام الشريعة في الشأن العام. ووفقا لهذا يعتقد غولن ان الديمقراطية هي أفضل حل، ولهذا يكن عداء للأنظمة الشمولية في العالم الإسلامي. ومع ان اربكان ينظر اليه بوصفه استاذ رئيس الوزراء التركي رجب طيب اروغان، إلا أن تجربة حزب العدالة والتنمية في الحكم تشير إلى ان غولن هو أستاذ اردوغان الحقيقي.
الإعلام الغربي
كتبت الكثير من الدوريات الغربية عن غولن تصوره كزعيم حركة اجتماعية إسلامية قومية غير معاد للغرب، ووجه المستقبل للإسلام الاجتماعي في الشرق الأوسط، لكن معارضيه يقولون عنه انه الخطر الحقيقي على العلمانية التركية، ويتهمونه بمحاولة تقويض العلمانية التركية عبر أسلمة الممارسات الاجتماعية للاتراك.
خروجه من تركيا
بعد متاعب غولن مع السلطات التركية بدأت في 18 يونيو عام 1999 , غادر إلى الولايات المتحدة وعندما تحدث في التلفزيون التركي، وقال كلاما أعتبره البعض انتقادا ضمنيا لمؤسسات الدولة التركية. وبعد ذلك بدأ المدعي العام للدولة تحقيقا في تصريحات غولن، وساعتها تدخل رئيس الوزراء التركي انذاك بولنت اجاويد ودعا الدولة إلى معالجة الامر بهدوء، بدلا من فتح الموضوع للنقاش على المحطات التلفزيونية التركية، كما دافع عن غولن وعن مؤسساته التعليمية وقال: “مدارسه تنشر الثقافة التركية حول العالم، وتعرف تركيا بالعالم. مدارسه تخضع لإشراف متواصل من السلطات”. بعد ذلك اعتذر غولن علانية عن تصريحاته، إلا أن بعض العلمانيين ظلوا متشككين في أهدافه، ولاحقا وجهت له اتهامات بمحاولة تحقيق مكاسب سياسية على حساب مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش.
سنواته في الولايات المتحدة
في عام 1999 ، سافر فتح الله غولن إلى الولايات المتحدة لتلقي الرعاية الطبية بسبب حالة القلب والأوعية الدموية لديه، وخضع لعملية جراحية في القلب في عام 2004، وبعد ذلك أوصى الأطباء ان يتجنب الإجهاد و الارهاق فقد اختار أن يعيش بعيدا عن الأجواء السياسية المشحونة في تركيا، ومنح الإقامة الدائمة من قبل الحكومة الأمريكية في عام 2006، وكان من بين أوائل العلماء المسلمين الذي أدان بشكل علني هجمات الحادي عشر في سبتمبر، وقد ظهرت له رسالة إدانة في واشنطن بوست الحادي في عشر من سبتمبر من عام 2001 .
يعيش غولن حاليا مع مجموعة من الطلاب و الأطباء في منتجع في ولاية بنسلفانيا ، حيث يكرس وقته للقراءة والكتابة والتدريس و العبادة مع مجموعة صغيرة من الافراد، و استقبال عدد قليل من الزوار اذا سمحت له صحته، وقد تم زيارة كولن من قبل الأكاديميين الأمريكيين والزعماء الدينيين، فضلا عن أعضاء من الجالية التركية الأمريكية .
وقد حافظ غولن على التقشف والروحية في حياته، يقضي معظم وقته في غرفة متواضعة، وهو يشجع الناس أيضا على المشاركة في تنظيم حملات المساعدات للمتضررين من الكوارث الطبيعية في جميع أنحاء العالم مثل إندونيسيا وميانمارو هايتي .و في معظم الأيام يخصص نصف ساعة من وقته للحوارات و الإجابة على الأسئلة و في بعض الأحيان التشاور حول مشاريع الخدمة.