سنيار: في مقاله الذي نُشر اليوم في صحيفة الشرق الأوسط قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي في دولة الإمارات أننا نعيش هذه الأيام في أوقات عصيبة فرضتها مجموعة من التحديات غير المسبوقة، حيث عادت سياسة الخوف وأجواؤه لتلقي بظلالها على الساحة العالمية.
وأضاف أنه أصبح لزاما علينا جميعا أن نعمل يدًا بيد في هذه الأوقات العصيبة تحديدا، لتعزيز روح التسامح وترسيخها بين الشعوب بغض النظر عن الدين والجنس والتراث والثقافة، وتعزيز قدرة التصدي لنزعات التطرف والحقد والكراهية والانقسام. وعلينا أن نعمل جاهدين لنسمو فوق خلافاتنا والعمل على ترسيخ قيم الرحمة والتسامح والاعتدال في مجتمعاتنا.
وذكر سموه في مقاله أن جذور التسامح الديني الذي تعيشه الإمارات يمتد عميقا في تاريخنا العريق، حيث كان المسيحيون يتعبدون في الدير المسيحي بجزيرة صير بني ياس، الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع الميلادي.
ما هو الدير المسيحي في جزيرة صير بني ياس؟
في عام 2010 أُعلن عن افتتاح الدير المسيحي الوحيد المكتشف حتى الآن في دولة الإمارات والذي يعود إلى القرن السابع الميلادي أمام زوار جزيرة صير بني ياس.
ويعد هذا الموقع من المواقع التاريخية التي تكتسب أهمية كبيرة في دولة الإمارات حيث يلقي الضوء على المجموعات البشرية التي استوطنت الجزيرة منذ آلاف السنين.
ويأتي افتتاح هذا الموقع الأثري والذي جرى اكتشافه للمرة الأولى في العام 1992 بالتزامن مع بدء مرحلة جديدة من عمليات التنقيب عن مواقع أثرية جديدة بالغة الأهمية في جزيرة صير بني ياس والتي يتوقع لها أن تبرز بشكل أكثر تاريخ المنطقة.
ويعتقد العلماء أن هذا الدير بني في القرن السابع الميلادي من قبل كنيسة الشرق المعروفة أيضا باسم الكنيسة السريانية الشرقية.
ويحاط بالكتلة الرئيسية للموقع سورٌ خارجي يحتضن صوامع للكهنة ومطابخ ومخازن وحظائر للحيوانات تتوزع جميعها حول فناء مركزي يتوسطه مبنى الكنيسة ، وتزخر جدرانها بالكثير من الزخارف الجصية مع تصاميم وزخارف .
وعلى بعد بضع مئات من الأمتار، ولا سيما إلى الشمال والشمال الغربي من الموقع، توجد عدة مبانٍ أصغر حجماً قد تكون منازل لكبار الرهبان، إضافة إلى خزان كبير للمياه موصول بقناة.
ويتولى مهام التنقيب في الموقع فريق من علماء الآثار بقيادة الدكتور جوزيف إلديرز وهو الذي أدار أعمال المسح الأثري الأولي في الجزيرة خلال التسعينات، كما أنه يشغل حاليا منصب رئيس الآثار في الكنيسة الإنجليزية.
ويقول باحثو الاثار إن جزيرة صير بني ياس ظلت مأهولة بالسكان على مدى أكثر من 7500 عام وعثر حتى الآن على أكثر من 36 موقعا أثريا منذ أن بدأت أعمال المسح والتنقيب الأثرية في الجزيرة.
وتتضمن هذه المكتشفات مدفنا دائريا يعتقد أنه يعود لأربعة آلاف عام وبرج مراقبة ومسجدا وأدلة على صناعة اللؤلؤ القديمة في الجزيرة.
موقع الدير وتاريخ التشييد
يُعتقد أن الدير بني في نهاية القرن السادس الميلادي، وتم هجره حوالي العام 750 ميلادية، ويقع الدير في الجانب الشرقي من جزيرة صير بني ياس، وتتجه بوابته الرئيسية نحو الشرق بالقرب من خور صغير على الشاطئ الذي يبعد بضع مئات من الأمتار. وكان سكان هذه الرهبانية ينتمون إلى كنيسة الشرق، حيث كان لهم دور فاعل في حركة التجارة البحرية الممتدة من أقصى شمال الخليج إلى الهند، كما أسهموا في تجارة اللؤلؤ التاريخية في منطقة الخليج العربي.
وكان الرهبان من أتباع المعلم نسطور (نسطوريوس)، رئيس أساقفة القسطنطينية (إسطنبول حالياً) في النصف الأول من القرن الخامس، والذي كان على خلاف مع بابا روما حول مسائل عقائدية حيث كانوا على الأرجح خليطاً من السكان المحليين ومن شعوب بلاد الرافدين وغيرها من المناطق، وكانوا يتكلمون السريانية والعربية وربما غيرها من لغات المنطقة. ويعتقد أنهم بدأوا ببناء الكنيسة حوالي العام 600 ميلادي.
تحف نفيسة ضمن المكتشفات
تتضمن المكتشفات الأثرية الثمينة في موقع الدير الأثري المسيحي الوحيد بالإمارات حتى الآن أكثر من 15 نوعا من الفخاريات، إضافة إلى الزجاجيات والأواني المستخدمة في الاحتفالات والشعائر الكنسية وقطع من الجص المزخرف بعناية مما يوفر لعلماء الآثار كنزا ثمينا من المعلومات عن سكان جزيرة صير بني ياس في القرن السابع الميلادي وأنماط حياتهم. وقد تم حفظ هذه التحف الأثرية النفيسة بعناية شديدة لضمان حمايتها حيث سيتاح عرضها أمام الزوار في المستقبل.
تصميم الدير ومرافقه
يمثل صحن الكنيسة والأجنحة الجانبية جناح غربي متصل أو ما يعرف برواق الكنيسة، حيث يجتمع الناس قبل إقامة الشعائر الدينية.
أما الهيكل، فيقع في الطرف الشرقي من الكنيسة، وكان يحتوي على المذبح “منصة عليها طاولة لأداء طقوس تناول القربان المقدس” ويحيط به برج وعدة مصليات، وكان الجدار الشرقي للكنيسة فيما مضى مغطى بلوحات جصية مزخرفة بتصاميم تتضمن صلباناً وسعف نخيل وعناقيد عنب.
ويضم الدير أيضا المدفن، ويحتمل أن يكون قبراً لمؤسس الدير ذاته، إضافة إلى البرج الذي كان يتيح للرهبان إمكانية مشاهدة الزوار وكذلك مراقبة القادمين غير المرغوب بهم كالقراصنة.
ويحتوي الدير على بيت الصلاة, إضافة الى غرف للرهبان, فضلا عن مسكن رئيس الدير الذي يضم الصليب الذي كان يحمله الأباتي بيده .
لمزيد من المعلومات عن الدير المسيحي وكيفية الوصول له
الموقع: جزيرة صير بني ياس، جبل الظنة
الهاتف: 1400 406 2 971 +
الموقع الإلكتروني: www.desertislands.com